الجمعة، 27 يونيو 2014

الصدفة عثرت على مقالة كتبها ايفان ويليامز أحد مؤسسي شركةبايرا لابز والتي جاءت بالمنتج الشهير ومنصة التدوين بلوجر والذي اشترته جوجل فيما بعد. بعدها عاد ايفان وساهم في تأسيس وإطلاق تويتر. هذه المقالة كتبها ايفان بتاريخ 27 نوفمبر 2005 فهل تظن أن ما جاء فيها يبقى صحيحا لليوم؟ المقالة عنوانها كان 10 شروط / قواعد لنجاح مشاريع انترنت الناشئة. بدأ ايفان فقال:
Evan-Williams-flickr-1

#1 – كن محددا

ركز على أصغر مشكلة محتملة يمكنك حلها بطريقة مفيدة للغير. أغلب الشركات تبدأ وفي نيتها عمل أشياء كثيرة معا، الأمر الذي يعقد كل شيء ويجعله صعبا وتتحول الشركة في النهاية إلى نسخة، تقليد، كوبي أو: أنا أيضا Me-too. التركيز على فئة نيتش الصغيرة من العملاء المحتملين له فوائد كثيرة أهمها الحاجة لعمل أشياء أقل، الأمر الذي يساعدك على أن تكون الأفضل في مجالك وتنافس فيه بقوة في وقت قصير. حين تكون مركزا على أشياء قليلة، ساعتها يمكنك التسويق لنفسك بسهولة، ثم حين يأتي وقت البحث عن شريك، أو الاستحواذ على شركتك، وقتها لا يكون هناك مجال للاختلاف والتضارب. رغم أن كل هذه الأسباب تبدو منطقية، إلا أن الانسان بطبعه يميل لعدم التركيز والسير في كل اتجاه. تذكر، حين تصبح الأول في مجالك الذي تركز عليه، ساعتها يمكنك توسعة المجال الذي تركز عليه.

#2 – كن مختلفا

الأفكار مثل الذرات تطير في الهواء. الكل لديه أفكار، وأغلب الظن أن هناك أناس آخرون فكروا في ذات فكرتك وبدؤوا يعملون على تنفيذها بالفعل، ولعل من ضمن هؤلاء شركة جوجل ذاتها. اقبل هذا الأمر وتكيف معه. كيف؟ في البداية، تقبل فكرة أنه لا يوجد مكان محصور على أن يكون فيه شخص واحد فقط. المنافسة شيء جيد، تمنع الاحتكار وتشجع الأفكار. ثانيا، عد لقراءة القاعدة الأولى. بشكل عام، المتخصص يتغلب دائما على غير المتخصص؛ الرجل العام. ثالثا، عليك التفكير في تقديم أشياء ليست متقدمة تقنيا بسنوات ضوئية عن الآخرين.
العديد من الشركات الناجحة مثل الصديقين جوجل، حققت النجاح فقط حين ذهبت إلى مجالات ظن الناس أنها نالت كفايتها من الاهتمام، ثم أعادوا تقديم الخدمة ذاتها بشكل جديد تماما وعلى الوجه الصحيح. (في بداية موقع البحث جوجل، كانت مواقع البحث الأخرى تذل الباحثين بأن تعرض عليهم بانرات وإعلانات كثيرة بشكل سخيف. جوجل قدم خدمة البحث لكن بدون بانرات. حين بدأ جوجل يوفر خاصية الإعلانات على موقع البحث، بدأ بإعلانات نصية فقط، في وقت كان الإعلان المصور هو سيد الموقف.)
أيضا عليك العثور على اسم فريد غير عام. طبعا قول سهل وتنفيذ صعب، لكن عليك التفكير في السؤال: كم من اسم موقع على انترنت عام تتذكره، وكم اسم فريد من نوعه لا زال حاضرا في ذهنك؟ كم موقع لخدمة المدونات يحمل كلمة بلوج في عنوانه؟ التفرد في الاسم يساعد على التفرد في كل شيء بعده.

#3 – لا تكن متزمتا متمسكا بالرسميات

لم يعد الويب رسميا، بل بدأ المحتوى غير الرسمي يطغى ويسود. التزمت والالتزام بكل القواعد الرسمية لم يعد قادرا على أن يسود. الكتابة الأكاديمية تجدها فقط في موسوعة ويكيبيديا، بينما كل من حاول أن يكون أكاديميا متزمتا طواه النسيان. لماذا؟ حسنا، الناس بشكل عام لا تحب التزمت ولا الانفلات، بل الشيء الوسط بينهما. كذلك الناس اليوم لديها خدمة انترنت في كل مكان، فالهاتف الذكي نقل حياة الناس من عادية إلى رقمية ثم إلى شبكة انترنت. إذا أردت فعلا تأسيس شركة ناجحة، عليك أن تقدم خدمات تساعد وتسهل هذا التحول وهذا المنظور الرقمي الانترنتي. ساعد الناس على مشاركة حياتها لكن بأقل مستوى ممكن من التعقيد. ساعدهم على التواصل الاجتماعي، بأقل عدد من الخطوات. سبب نجاح فليكر في البداية هو أنه جعل مشاركة الصور من أسهل ما يمكن. انقر. اختر الصورة. ارفع. اكتب وصفا لها. انتهى.

#4 – كن حصيفا عند الانتقاء

الشركات الناشئة تكون عادة مستعدة لقبول ضم أي عضو ممكن لفريقها، أو تنفيذ أي فكرة تطرأ على ذهن المؤسسين، أو توفير أي خاصية إضافية ممكنة، أو الدخول في أي شراكة أو قبول اي مستثمرين، أو قبول عقد لقاء صحفي مع أي صحفي أو مدون كان. أحد أهم نقاط القوة في شركة جوجل، خاصة في بدايتها، هي أن الصديقان كانا يرفضان قبول الفرص السانحة، الربح السهل، توظيف أي موظف، قبول أي صفقة، وتوفير أي ميزة كانت.

#5 – كن مركزا على المستخدم النهائي

تجربة المستخدم لتطبيقك أو موقعك هي كل شيء وأهم شيء. كانت كذلك دوما، وستبقى كذلك، الأولى في سلم الأهمية، ورغم هذه الأهمية القصوى إلا أنها محل التجاهل وعدم الاهتمام بها. إذا لم تكن تعرف ما هي آلية التصميم المرتكز على المستخدم، (User-centered design) تعلمها، أو استأجر خبراء في هذا المجال. اجعلها هاجسك المسيطر عليك، ثم اجعلها تسيطر عليك أكثر. اجعلها الهواء الذي تتنفسه، والماء الذي تشربه، واجعل شركتك كلها وفريق عملك كله يعمل وفقها. من الأفضل لك أن تعيد الكرة تلو الكرة حتى تتقن تقديم ميزة واحدة، من أن تقدم آلاف المزايا بدون جودة أو بدون الحاجة لها.
تقنية اجاكس تجعل الموقع أكثر تجاوبا وسرعة في التفاعل لكنها لا تجعل الموقع أكثر جمالا. الوسوم (تاجز) تسهل عملية البحث، لكن التطبيق الذي تقدمه قد لا يتناسب مع فكرة الوسوم. حين توفر واجهة تشبيك مع تطبيقك API فالهدف منها يجب أن يكون زيادة القيمة التي يحصل عليها المستخدم وليس استعراض عضلاتك في البرمجة. لا تشتت تركيزك بالتفكير في تقنيات جديدة أو تقديم خواص إضافية تجعل الخبراء يمدحون فيها، بل اجعل المستخدم النهائي دائما نصب عينيك وقدم له ما يرضيه ويجعله سعيدا بالتعامل معك.
وهنا حيث أقول، فاصل ثم نواصل. أراكم بعد قليل.
على الجانب:
أردت توجيه الشكر الجزيل لمن رد على سؤال نهاية التدوينة السابقة. في بعض الأحيان يكون الرد أكثر واقعية وأكثر إسكاتا للجدل حين يأتي من أطراف خارجية ذات صلة، وحين يأتي بأكثر من صيغة، تعكس أكثر من وجهة نظر. يصعب الجدل مع حكمة الجموع. أكرر شكري وامتناني.

#6 – كن مركزا على نفسك

التطبيقات والخدمات الناجحة تأتي من أناس يعانون من ذات المشكلة التي تحلها هذه الخدمة وهذا المنتج الذي جاؤوا به. عليك أن تقدم خدمة يكون العالم بحاجة ماسة لها، وتكون أنت كذلك بحاجة أكبر لها. كن أول من يستخدم خدمتك، وقم بتوظيف من يستخدمون خدمتك ومنتجك بشكل كثيف ويكونون متحمسين لها. قم بتطوير منتجك وخدمتك بناء على رغباتك، لكن دون أن تكون في فخ مظنة أنك الوحيد الذي يستخدم تطبيقك وخدمتك (راجع رقم 4). إياك أن تدخل في صفقات مع شركات كبيرة يكون ثمنها التضحية بمصلحة مستخدمي خدمتك / تطبيقك / منتجك، أو أن يكون الثمن ألا تطور منتجك أكثر بما يفيد المزيد من المستخدمين.

#7 – كن طماعا

لا تندفع، لا تفقر نفسك. من الجيد تقديم خدمات للناس جميعا، لكن مع تحقيقك لبعض الدخل الذي يضمن لك سداد نفقات التشغيل ورواتب المطورين. حين تجلس لتصمم خطة عمل تطبيقك، يجب أن يكون في هذه الخطة خطوة ما ستطبقها بعد 6 شهور مثلا من الإطلاق وتجلب لك الدخل. يجب أن يكون نصب عينيك آلية ربح ما، عن طريق عرض خدمات بمقابل مالي. حين تفعل ذلك، ويبدأ المستخدمون في الشراء منك، سيتوفر لديك بعض المال الذي يساعدك على تسريع عملية تطوير الموقع وإدخال إضافات وتحديثات جديدة في وقت أقل. كذلك هذا المال سيساعد في الإعلان والتسويق للموقع / المنتج / الخدمة.
حين يدر موقعك المال فهذا يعني أنه موقع واعد ناجح، يمكن له زيادة أرباحه أكثر، الأمر الذي يشجع المستثمرين والممولين على الاستثمار فيك وفي موقعك وتكبير مشروعك الناشئ هذا أكثر.

#8 – كن رشيقا مرنا

في لعبة المواقع الناشئة، يكون الفوز بأن تحصل على طلب استحواذ وتبيع كل شيء وتخرج بالغنيمة. حين يأتي الصيادون، فإنهم يبحثون عن صيد رشيق، ليس كبير الحجم جدا، ولا صغيره. بمعنى، الشركات التي ترغب في الاستحواذ، لا تريد شركة ناشئة يعمل فيه مائة موظف، أو يعمل فيها واحد أو اثنين فقط. ابحث عن أفضل حجم ممكن لضمان نجاح شركتك الناشئة على انترنت، وظف من لن تنجح إلا وهو يعمل معك بدوام كامل. كل من تحتاجه لفترة من الوقت، اعمل على الاتفاق معه على العمل الحر (فري لانس)، أو استأجره لفترة قصيرة، لكن لا تلجأ للتوظيف الدائم.

#9 – كن دائم التعديل

يقولون في المثل، أن الطائرة حين تذهب من جهة لأخرى، فإنها لمدة 99% من وقت طيرانها تكون في الاتجاه الخطأ، لكن الربان يقوم بتعديل اتجاه الطائرة طوال الوقت حتى تصل لوجهتها الصحيحة. الشيء ذاته يتحقق في شركات انترنت الناشئة، والتي عادة تبدأ في اتجاه وتنتهي في اتجاه آخر تماما. كم من شركات انترنت خسرت وأغلقت أبوابها لأنها لم تقم بتعديل اتجاهها في الوقت الصحيح. شركة بايرا لابز (التي أطلقت منتج بلوجر) تم تأسيسها لتصميم تطبيقات إدارة المشاريع، فليكر جاء تأسيسه لتصميم لعبة جماعية عبر انترنت، شركة إيباي كانت في البداية تهدف لبيع تطبيقات عمل مزادات عبر انترنت. الافتراضات الأولى تكون عادة خاطئة، لذا كن مثل الربان واعمل على توجيه الدفة نحو الاتجاه الصحيح (نعم، معرفة الاتجاه الصحيح فعلا أمر صعب، لكن الربان سيعرفه، أو يجب عليه ذلك).

#10 – كن متوازنا

تشتهر شركات انترنت الناشئة بأن من بدأها ينام أقل من العصفور، تغزو الهالات السوداء وجهه، يأكل طعاما سريعا غير صحي، يعمل على مدار اليوم والأسبوع والشهر، لا يعرف عطلة أو إجازة، يعمل على وقود القهوة والشاي، وتنهار علاقاته الانسانية بغيره من البشر بسبب كل ما سبق. انس كل هذا. نعم، الالتزام مطلوب، لكنه لا يضمن النجاح. حين تخلق بيئة عمل ممتعة، يسعد من ينضم لها، فهذا يزيد من احتمالات نجاحك. نعم، ستأتي بعض الأوقات التي تتطلب العمل بدون انقطاع لحل مشكلة أو إطلاق إضافة جديدة أو توفير تحديث لازم، مع الاعتذار لفريق العمل على هذا الضغط، لكن لا يمكن أن يستمر الحال كذلك لفترة طويلة. الطبيعة البشرية ترفضه. العقل مثل العضلة، إن لم يسترح فلن تستطيع استعماله بعد فترة ما من الاستخدام المتواصل. بدون عقل المؤسس الربان في أفضل حالاته، ستفشل الشركة في نهاية الأمر. يجب أن توازن ما بين العمل والراحة.
ثم ختم ايفان بنصيحة ذات أهمية كبيرة، قائلا أن مثل هذه القوائم، ومثل مواضيع أكثر 10 أشياء، تكون عادة عامة، لا يمكنك أن تأخذها كلها بحرفية متزمتة، بل سيكون هناك استثناءات لكل شيء، ومرة أخرى، أنت الربان، من بيده عصا توجيه الطائرة.
أزيد على ايفان بأن أؤكد على أهمية نقطة لمست أهميتها بنفسي، حين تبدأ في توظيف أعضاء جدد في فريق عملك، احرص – قدر الإمكان – على توظيف الشخص المناسب للوظيفة التي تحتاجها، لكن قبلها من مستخدمي ما تبيعه. ليس مستخدما عاديا، بل مهووسا. هؤلاء يعملون بقدر أكبر، ويحرصون على نجاح الشركة أكثر. نعم، هؤلاء قد تدفعهم الحماسة لمعارضتك، لكن ربما قد يكون الحق معهم. كذلك، يجب أن يكون فريق العمل من مستخدمي الخدمة التي تبيعها، ويجب ألا يجدوا أي حرج في دعوة أصدقائهم لاستخدام هذه الخدمة، من تلقاء أنفسهم وليس خجلا منك أو اضطرارا منهم للحفاظ على وظيفتهم لديك. إن لم تجد فريق العمل لديك ينصحون أصدقائهم ومعارفهم بالخدمة التي تبيعها، وهؤلاء بدورهم ينصحون غيرهم، فأنت لازلت بعيدا عن النجاح. إذا خرجت من هذه التدوينة بهذه النصيحة، فأنت الفائز الغانم.
أقول هذا واطرح السؤال، أي نقطة من العشرة لمست وترا لديك، أو نبهتك إلى حقيقة غابت عنك، وكيف تنوي تطبيقها في مشروعك؟
لعلك ستتساءل مثلي، وماذا يفعل ايفان هذه الأيام؟ إنه مشغول في ميديم، محاولة لصنع خليفة أفضل لتويتر.

0 التعليقات:

إرسال تعليق