الاثنين، 23 يونيو 2014


صحيح أن عددهم ليس كبيراً إلاّ أنهم أثاروا الاهتمام حولهم. هم رواد الأعمال الشباب الذين أطلقوا شركاتهم الناشئة الأولى حتى قبل الحصول على شهادة ثانوية أو حق التصويت. 
ذهبنا للقائهم لفهم ما الذي جعلهم يبدأون شركات ناشئة بدلاً من لعب كرة القدم أو ممارسة الرياضة مع رفاقهم في المدرسة بعد انتهاء الدوام، والأهم لنطلب منهم نصائح يمكنهم تقديمها للمراهقين الذين يحبون أيضاً أن يطلقوا مشاريع خاصة بهم. ولكن اللافت أن هذه النصائح جيدة بغض النظر عن العمر. 
ثلاثة رواد أعمال استثنائيين
شارك جهاد قواص في تأسيس "سايلي" Saily، وهو تطبيق للإعلانات الصغيرة الاجتماعية والمحلية المخصصة للسوق الأميركية، سينطلق في الأسابيع المقبلة. وجهاد يبلغ من العمر 17 عاماً ولكنه جمع خبرة لا بأس بها. 
حين كان في الرابعة عشرة من العمر، قرّر قواص المعجب كثيرًا بستيف جوبز برمجة تطبيقات لأن هذا ما يستعمله الناس. ويشرح "لم أكن أريد أن أقوم بما يُطلب مني، أردت إطلاق مشاريعي الخاصة".  
وخلال عامين، شارك الشاب اللبناني في فعاليات "ستارتب ويك آندز" من باب التسلية، وفاز في ثلاثة منها وقام بمهام لشركات ناجحة ومن ثم لوكالات وذلك "من أجل المتعة فقط"، كما يشرح. ويضيف "بصراحة، كل ما أقوم به هو تسلية، وخلال ذلك اكتشف الكثير من الأشياء". وجعلته مشاركته في فعاليات ولقائه برواد أعمال، يرغب في إنشاء شركته الناشئة.
وبفضل المال الذي كسبه من هذه المهام الحرة (ما بين 2000 و3000 دولار شهرياً)، تعاقد مع مستقلين للعمل معه على ألعاب يقوم بتطويرها وموّل أولى نفقات "سايلي". 
أما عبد الله عبسي فهو رائد أعمال معروف جداً في لبنان. ففي العمر الذي يذهب البعض إلى الجامعة، أسس هذا الشخص الذي تجده في جميع الفعليات التقنية اللبنانية، موقع "ذومال" للتمويل الجماعي.  وبدأ العبسي من عمر 13 عاماً، مدفوعاً بحبّه للمعلوماتية، يتعلّم لغة البرمجة. وبعد عدة سنوات، وفي عمر 16 عاما، أطلق، بناء على نصيحة أقاربه في كندا، أول شركة ناشئة له مع زملائه في الصف: "ليب أوتوز" LebAutos.com، وهو موقع للإعلانات الصغيرة المبوبة. والدافع وراء ذلك هو رغبة منه في خلق نسخة لبنانية لفايسبوك. ولكن سرعان ما أغلقت الشركة أبوابها بسبب نقص المال وأيضاً بسبب عدم نضوج السوق.. والشركاء في التأسيس. 
وفي وقت لاحق، اكتشف صدفة على الإنترنت، مدوّنة "يلاّ ستارتب" YallaStartup، وهي منظمة مكرّسة لدعم ريادة الأعمال، أطلقها الرئيس التنفيذي الحالي لـ"ومضة" حبيب حداد، وعندها اكتشف وجود "بيئة حاضنة لريادة الأعمال". 
شغوف بالويب، شارك في مسابقة لـ"يلا ستارتب" وكسب مكاناً له في ندوة حول ريادة الأعمال، التقى بعدها بمرشده الأول شادي بنّا من موقع "بوتنشل" Potenial.com واكتشف المبادئ الكبرى لريادة الأعمال. وعام 2010، شارك في أول مؤتمر لعرب نت "حيث تغيرت الأمور بالنسبة إليّ. فاكتشفت ميدان الشركات الناشئة والمستثمرين إلخ..". وفي خمس سنوات، شارك في المسابقات وأطلق ست شركات ناشئة: "يلا أس أم أس مي" Yallasms.me و"فلفش" Falfesh و"كراود فولت" Crowdvolt و"أسكولار" Askolar و"ريفلكس" Rifflex وأخيراً "ذومال". 
لدى المغرب أيضاً رواد أعمال مراهقون. يوسف السكوري هو شخصية معروفة في الويب المغربي. في عمر الـ17 عاماً، قرر هذا الخبير التقني الشاب، وعبر محادثة على فايسبوك، أن يجمع أمثاله المغربيين الذين تعرف عليهم على الإنترنت في إفطار رمضاني. ونظّم اللقاء الأول بشكل بسيط جداً وبنجاح كبير، حيث شارك حوالي مائة شخص في السهرة التي انتهت في الخامسة صباحاً. وخلال أربع سنوات، أصبحت الفعالية لقاء مهماً يجمع دائرة الويب المغربية تدعمها شركة الاتصالات المغربية "إنوي" Inwi. وأخذت الفعالية بُعداً دولياً في العام الأول وكانت الجزائر محطتها الأولى بعد المغرب. 
وعلى خلاف العبسي أو قواص، لم يطلق السكوري مشاريعه إلاّ بعد أن جمع رؤيا جيدة حول البيئة الحاضنة المغربية للويب، ولم تكن رغبته في بناء شيء أو خلق قصة نجاح جديدة في المنطقة ما دفعه إلى تنظيم "جيك فطور" GeekFtour، بل "حبه للناس وللمناقشات".
تمت دعوة هذا الشاب الذي لا يتجاوز الـ 21 من العمر إلى ستانفورد للمشاركة في "أمندز AMENDS، إلى جانب عبد الله عبسي. 
إليكم نصائحهم: 
افعلوا عكس ما يُقال لكم  
بالنسبة لقواص "المدرسة هي فخ، هي مكان يموت فيه الإبداع. يقولون لك: لا يمكنك فعل هذا أو ذاك...". وبالنسبة إلى الشاب، "المدرسة تعلّمك ما هو جيد من دون خطر"، وهو أمر معاكس لمفهوم ريادة الأعمال من الأساس. ويضيف "ليس من المفترض أن ترسب في المدرسة وهذا بالضبط ما عليك تفاديه حين تكون مبتكراً". 
فنصيحته هي إذاً "يجب القيام بعكس ما يطلبه المدرسون"، و"ثقوا بقدرتكم على الابتكار، لا بالمدرسة". فإذا فكرتم بشيء ما، اختبروه ولا تخشوا من الفشل. وأضاف "حين تكونون في الـ15 من العمر، يمكنكم أن تفشلوا فليس عليكم أن تقلقوا مما سيقال عنكم في البيئة الحاضنة. اختبروا الآن، تعلّموا الآن وافشلوا الآن. كلما كان الوقت باكراً كلما كان أفضل".  
السكوري من الرأي ذاته، ويقول: "في البداية، لا يكون لدينا رؤيا أو استراتيجية، وهذا طبيعي لأننا صغار في السن، ويجب الانطلاق والتعلّم من أخطائنا. المرة الأولى ستكون كارثية بالتأكيد ومع الوقت سنتعلّم". 
وحين تطرقنا إلى مسألة دعم الأهل، أجاب "لا تطرحوا أسئلة، لا تعيروا اهتماما لما يقوله الناس وافعلوا ما ترونه مناسباً". فلو كان لدى أهله مخاوف من المخاطر التي قد ينضوي عليها تنظيم مثل هذه الفعالية أكثر من خوفهم من أن يضع ابنهم دراسته جانباً، لكانوا الآن أول سفراء لـ "جيك فطور". 
والأمر نفسه حصل مع العبسي، فلإقناع أهله بالسماح له بالقيام بمشاريعه، ينصح المراهقين بأن يكونوا ثابتين وجديين من أجل الإثبات لأهلهم بأنهم يعرفون ما الأفضل لهم. 
ما حفظته من هذه المناقشات هو نضج هؤلاء الشباب وقدرتهم على التفكير خارج المألوف وخصوصاً ثباتهم. ومن خلال تجاهلهم لآراء الكبار، نجحوا في الوصول إلى جوهر ريادة الأعمال وقدموا نصائح يمكن لرواد الأعمال من أي عمر تطبيقها.

0 التعليقات:

إرسال تعليق