الأحد، 22 يونيو 2014

ثمانية أعوام ونصف، هي الرحلة التي قطعتها أنا وشريكي سِم ويتلي في إدارة أعمال دوبيزل، الموقع الذي أبصر النور وصُنع في الإمارات العربية المتحدة، بحيث أصبح مثالاً على أنه لا حدود للطموح. بدأت رحلتنا من نقطة الصفر عندما كنا نعمل من الشقة التي نقطنها، وصولاً إلى قيادة فريق فذّ من 200 شخص منتشرين في كافة أرجاء المنطقة. يسرّني أن أٌقدم بعض الكلمات والنصائح العملية لرواد الأعمال من أصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة والأعمال الناشئة الذين ابتدؤوا أو على وشك البدء برحلتهم. قد يكون البعض ممن يقرؤون هذه الكلمات في نفس الوضع الذي كنا عليه قبل عدة سنوات، وفي مرحلة مطاردة فكرة معيّنة دون وجود أي دعم مالي أو رأس مال، ولكنهم يمتلكون تصميماً وثقةً راسخان بأنهم سيحصدون النجاح بطريقة ما. مما لا شك فيه، أن العديد منكم سينجح في الارتقاء بفكرته أو مشروعه ليكون موضع تقدير وذو قيمة هامة لدى المجتمع، وهذا هو النجاح بحد ذاته. سوف تقودكم مغامرتكم إلى المكانة التي وصل إليها دوبيزل اليوم. أضع بين يديكم اليوم، خمس نصائح قيّمة تعلمناها أثناء رحلتنا مع دوبيزل، وكلي أمل أن تقدّم لكم الإرشاد والإلهام عبر مسيرتكم المهنية.

-1- اسعَ دائماً لحل المشاكل.
كونك صاحب مشروع، فإن مهمتك تكمن في العمل على المشكلة وإيجاد حل لها بطريقة أفضل وأكثر فعالية من ذي قبل. وكلما كانت المشكلة أكبر وأوسع، وكلما كنت أفضل في طريقة حلّها، كلما حضيت بنجاح أكبر. أما الأفكار فتأتي في المرتبة الثانية، لأنها بمثابة الحلول التي تأتي بها للتغلّب على المشكلة. ففي حال بدأت بالفكرة، ثم بدأت تبحث عن مشكلة، ستكون في مأزق بكل تأكيد.
يعتقد الكثير من الأشخاص أننا عندما بدأنا دوبيزل، وصلنا إلى هذه المكانة مع نيّة تأسيس نسخة الشرق الأوسط عن ما يُشبه موقع “كريجس لِست”، ولو أننا فكرنا بتلك الطريقة، لكانت فكرة سيئة مصيرها الفشل. بدلاً من ذلك، جئنا إلى هنا بحثاً عن العمل، وسعياً لتأسيس حياتنا، وخلال هذا، اكتشفنا مدى عدم فعالية السوق سابقاً. واتضح أن الجميع لديه هذه المشكلة، وفي الوقت الذي كان الجميع على علم بهذه المشكلة، كنا نحن أول من قرّر ضرورة إيجاد الحل.

-2- ابدأ بـ”لماذا”. لا تبدأ بـ”ماذا”.
إن لم تشاهد محاضرة سايمون سينيك عبر موقع تيد عن “كيف يلهم القادة العظام العمل”، نرجو منك أن تقوم بالبحث عنه عبر موقع جوجل. تتلخص المحاضرة في رسالة بسيطة وهي: لا يشتري الناس “ماذا تقوم به”، بل يشتروا “لماذا تقوم به”. والإجابة على “لماذا؟” هي رؤيتك، وما الذي تمثله أنتَ كمؤسسة، وهو الأثر الذي تنوي أن تحدثه في العالم وسبب وجودك وكيانك. ولماذا سيكون على المستهلكين التعاطف معك إلى ما بعد العمليات التجارية، ولماذا سيحمل النخبة من الناس الراية الخاصة بك وينضمون إلى قضيتك؟
لطالما كانت رؤيتنا في دوبيزل تتمحور حول منع استغلال المُستهلك وجعل العالم أكثر انصافاً، والاستمتاع بالتأكيد خلال هذا كله. فعندما بدأنا في دولة الإمارات العربية المتحدة ( وكنا ما زلنا حديثي العهد بأسواقنا الجديدة)، كان استغلال المستهلكين واقعاً حقيقياً في كل مكان، وكانت العمليات التجارية تحدث من خلال وسيط فقط. لذا كان المشتري يتحمل القيمة الإضافية التي يأخذها الوسيط، ولم يكن لدى الناس مكاناً لبيع مقتنياتهم، وكان الباحثون عن العمل مضطرين للتعامل من خلال شركات التوظيف… إلخ. وكانت السوق مبهمةً وغير منصفة للمستهلك اليومي، مما أثار سخطنا. لذا بدأ دوبيزل واستمر لهذا اليوم، لسبب واحد: لمنع استغلال المستهلك والاستمتاع أثناء القيام بذلك.
يحتاج كل عمل ناجح إلى الإيرادات والأرباح لضمان استمراره، ولكنك تحصل على هذه المزايا كنتيجة ثانوية لابتكار قيمة عظيمة أثناء السعي لتحقيق رؤيتك. ولتتمكن من استقطاب العديد من الناس وتحقيق أمور هائلة وأن تكون محبوباً من قِبل المستهلكين، ينبغي عليك أن تملك فهماً قوياً وشغفاً بجواب السؤال “لماذا؟”
-3- حدّد قيَمك وعش بها.
سأطلعكم على سر صغير، استغرقني وقتٌ طويل لاكتشافه: قيَمك هي ثقافتك، وثقافتك هي علامتك التجارية، وهو أمر بهذه البساطة حقاً. إذا اعتبرت الشركة شخصاً، فإن ذلك الشخص “العلامة التجارية” هو مجموعة القيم التي يرغب الآخرون بامتلاكها، وهي ليست القيم التي يقرّها الناس، بل تلك التي تظهر عبر تصرفاتهم. وبالنسبة للشركة، الأمر سيان، فالقرارات والإجراءات التي تتخذها كشركة، سوف تحدّد القيم التي ترغب بامتلاكها. وللحصول على الثقافة والعلامة التجارية التي ترغب بها، عليك أن تحدد القيم التي تؤمن بها وتحيا بها وعلى أساسها.
عندما بدأنا دوبيزل، كنا شخصين فقط، وكانت قيم الشركة هي ببساطة قيمنا نحن، لذا لم نشعر بحاجة لتحديد هذه القيم. ومع نمو فريقنا، وعدم تحديد قيم الشركة، أصبح من الصعب على الآخرين العمل بشكل جيّد واتخاذ القرارات السليمة. علاوة على ذلك، إن لم نكن نعرف قيمنا، فمن الممكن أن نتناقض معها بسهولة، دون أن ندرك ذلك. وقد هدّد هذا الأمر ثقافتنا وعلامتنا التجارية. لذا كشركة، عملنا معاً عبر شهور عديدة من النقاش والتصويت والتفكير، إلى أن نجحنا بإعادة تحديد قائمة من القيم الجوهرية، التي يفخر جميعنا بالعيش بها وعلى أساسها.
وقد كانت هذه التجربة أهم أمرٍ قمنا به في دوبيزل على الإطلاق، فقد منحتنا ثقافة الحرية والاستقلالية، وذلك لثقتنا بأننا لدينا جميعاً نفس القيم. وقد مكّننا هذا الأمر من اتخاذ قرارات أفضل في مجال التوظيف. وأخيراً وليس آخراً، خلقت هذه التجربة علاقة مبنية على الاحترام المتبادل والتقدير العميق بين جميع أفراد الفريق، مما جعل من المكتب، أفضل مكان لي على وجه الأرض.
لذا ومن خلال تعريف قيمك وابتكار ثقافة تحبها بحق، سوف تبتكر علامة تجارية يحبها الآخرون.
-4- وظّف الأشخاص المميزين.
على المدى الطويل، يفوز دائماً الفريق الأفضل. فإذا أردت الفوز، لا يمكنك المساومة على الأشخاص. مع ذلك، فإن توظيف الأشخاص العظماء ليس بالأمر السهل على الإطلاق، وخصوصاً عند افتقادك للمال والوقت. ولكن، حتى لو كلفك الأمر ضعفي التكلفة والوقت، فإن هناك فرقاً شاسعاً بين الشخص المميز والشخص الجيد.
لذا ومنذ اليوم الأول، حرصنا أنا وشريكي سِم ويتلي على توظيف أشخاص أذكى منّا. وعندما تكون مفلساً، فإنك لن تستطيع أن تدفع للشخص المميز ما يمكن أن يحصل عليه في مكان آخر، ولكن عليك أن تمنحه ما هو أفضل: رؤية يمكنه أن يؤمن بها، وبيئة عمل يمكن أن يتعلم منها، ومركزاً يمكنه أن يحدث تغييراً من خلاله، وفرصة للتطور المستقبلي. وفي أثناء نمو شركتك، يمكنك أن تبدأ بدفع ما يتناسب مع أسعار السوق. ولكن، اتضح أن الشخص المميز بإمكانه دوماً الحصول على راتب أعلى في مكان آخر، ولكن ما يريده فعلاً، هو الزملاء الرائعين والحرية والمسؤولية، وأن يترك إرثاً من التأثير الإيجابي في محيطه.
في دوبيزل، نحرص على خلق بيئة عمل تجذب هؤلاء الأشخاص المميزين، ولطالما كان هذا مفتاح نجاحنا. لذا، إن استطعت أن تقوم بهذا الأمر على نحو جيّد متجاهلاً أي أمر آخر، ستتمكن من النجاح دوماً، لأن الأشخاص المميزين الذين يتم تحفيزهم باستمرار سيتولون مهام تدبّر باقي الأمور.
-5- لا تحاول. بل قرّر.
لا أحد على الإطلاق ممن وصلوا القمة أو غيّروا العالم أو قاموا بشيء استثنائي بحق، قام بذلك لأنه حاول، بل نجح لأنه قرّر. حيث تسمح المحاولة لاحتمالية الفشل على عكس القرار، وتحقيق رؤيتك الطموحة هو أمر أقرب للمستحيل، لذا يمكن تحقيقها بالقرار فقط.
إذا كنت مثلنا، فأنت تؤمن بأن رؤيتك ذات أهمية كبيرة للعالم. فإن تحقيق دوبيزل لرؤيته لا يؤثر على الاقتصاد فحسب، بل يتعداه إلى التأثير على حياة الملايين من الأشخاص، من خلال جعل العالم أكثر شفافية وفعالية وانصاف. فلطالما كنا صادقين بشكل قاسٍ مع أنفسنا فيما يتعلق بمواطن إخفاقنا والمصاعب التي تعمل ضدّنا، مع المحافظة على إيماننا الذي لا تشبه شائبة، بأننا بطريقة أو بأخرى، سوف ننجح في تحقيق رؤيتنا. وما كان للمحاولة أن تصل بنا إلى هنا، وأن نعزي أنفسنا بالمحاولة مرة أخرى لم تكن ستعوّض ملايين الناس الذين كنا سنفشل في خدمتهم.
إذا كنت تؤمن بقوة برؤيتك، فأنت تعلم أن الفشل ليس خياراً مطروحاً. لذا خلّص قلبك من عبارة “سوف أحاول بأقصى طاقتي” حتى لا يبقى فيه إلا عبارة “لقد قرّرت”. فإن رؤيتك والأثر الإيجابي الذي ستتركها في العالم، يستحق الكثير.
لقد كانت السنوات الثمانية والنصف رحلة العمر بحق. فقد التقيت أشخاصاً رائعين، وتعلمت الكم الكثير، وسنحت لي الفرصة للعمل مع فريق يعمل على تغيير نمط التجارة في المنطقة للأفضل. وفي السنوات الثمانية القادمة، ستبرز الكثير من القصص كقصة دوبيزل من مختلف أنحاء المنطقة. أتمنى لكم حظاً موفقاً في مغامراتكم، فإن مستقبل العالم يعتمد عليكم 

جي سي بتلر - الشريك المؤسس لموقع دوبيزل

0 التعليقات:

إرسال تعليق